Thursday, August 15, 2013

النص والتأويل 1



النص و التأويل-1-2
                                                                                
يحفل ميدان اللغة بالعديد من الحقول التي تنصب جميعها في اتجاه اضاءة النص الملفوظ او المكتوب في محاولة للوصول الى اقصى فهم ممكن له ،  بذا فأننا  ننطلق من حقيقة أن النص الأدبي لايعني بالضرورة التجربة التي حاول مبدعه الإفصاح عنها بمقدار ما تعني الفهم المحتمل لهذه التجربة باعتبارها تجربة وجود تفصح عن نفسها من خلال النص الأدبي والشكل الفني لها.
اي انه يمكن التعامل معها وفق وسط ثابت يربط مابين المبدع والمتلقي وبهذا تكون عملية الفهم متغيره طبقاً لتغير آفاق التفكير  والتجارب لدى كليهما –المبدع-المتلقي-  بيد ان  ثبات النص (كشكل) يمكن اعتباره العامل الأساسي لجعل عملية الفهم ممكنه وهذا مايبرر حسب رأينا اننا دائماً امام تصور ما؛ ذلك التصور هو ان النص يتميزعن مؤلفه  وفق عدة معطيات اهمها بالتأكيد قراءة المتلقي  له والتي تتحرك صعوداً وهبوطاً بالنص وفق متغير اساسي هو  الزمن وهذا ما يجعل من التأويل سلطة مفتوحة لتغير دلالات النص من حيث القراءة والتلقي . وحسب (بول ريكور)فان محاورة النص هي انتاج مشترك لحقيقة تشغل الأفراد وتؤسس تاريخهم ومصيرهم المشترك .هذه المشاركة لا تنصب فقط في محور واحد بل تنفتح على انتاج  تصورات وصياغات مفاهيمية متعددة وفق معانٍ جديدة تنتجها هذه المحاورة . ومن خلال هذه المحاورة يمكننا ايضاً ان نستجلي حقيقة افادتنا من التاريخ كعلاقة تحاورية تنبني في الأساس الأول على الفهم الذي يتصل بالآخر التاريخي مما يؤهلنا الى مساءلة حاضرنا وصياغة اسئلتنا له وفق ما هو مفهوم . هذا الحوار يتحقق بالتأكيد عبر مسألة اللغة اذ هي  الفضاء الممكن للحوار بين الذات /الآخر –الحاضر/الماضي والمنطوق/المسكوت لذلك فإن الفهم التأويلي لنص ما بإعتباره جزء من الوعي بالآخر لا يمكنه الكشف والإظهار لمفهوم الآخر الا من خلال علاقة محددة وهي الوعي الذاتي بأن الآخر (النص) لا يمكن احتواءه داخل حلقة مفاهيم المتلقي وتجاربه الذاتية وتصوراته المنهجية . وهذا يعني ان الحصول على فهم دقيق للنص من خلال التأويل يقتضي تخليص الفكر المؤول منه من ارضيته المفاهيمية والتصورية التي كان يستند عليها اصلاً  وبذا تتم زعزعة الأسس التي ينبني عليها الموقف الذاتي من الآخر . هذه العملية رغم ان مظهرها سلبي الا انها هي ذات مايحول الفكر الى حالة ايجابية يتمكن من خلالها من اطلاق سراح الفكر كيما يستطيع فهم المدلولات التي يعجز الفكر في حالتة المتجمدة من ادراكها . من ذلك لابد اننا ندرك ان العمل الأدبي(الفني) ليس بالضرورة مهتماً بتحقيق شكل يمكن ان ينتمي اليه النص. وانما يسعى الي ايجاد منطقة مشتركة تمكن المتلقي من فهمه وادراكة وانتاج محاوراته الخاصة له . هذه الأرضية هي اللغة في مختلف انساقها غض النظر عن مضمون الخطاب الذي تحمله.
كل هذا يقود الى محاولة لفهم التأويل باعتباره موقفاً علمياً يقوم على تفسيرمجمل الظواهر الحياتية المصوغة في اشكال تعبيرية وفق منهج مفاهيمي صلب يتجاوز عدم الموضوعية الناتجة عن التفسيرات الذاتية ولكي يتحقق هذا الموقف فان هنالك مطالب تأويلية عدة ابرزها استيعاب الإنسان باعتبارة وحدة كلية في كل مخرجاتة سواء أ خيراً كانت أم شرا . هذا الموقف من التأويل يتأسس على ضرورة المتابعة والحرص على علامات اللغة في كل حقولها خصوصاً حقل السيمياء اذ يبرز التأويل من خلال السيمياء المعاصرة بأنه عملية فهم يتمحور مجاله في اللغة والبنية  اللتان تجعلان من  عملية الفهم حركة شاملة وكلية . فالفهم بذلك ليس نمطاً من انماط السلوك وانما هو نمط لوجود الذات نفسها . ويمكن معرفة ذلك من خلال عدة مقاربات

No comments:

Post a Comment